اسم الله المصور

اسم الله المصور

اسم الله "المصور": معناه، شرحه، فضله، وروده في القرآن والسنة، وأهميته في الإسلام


المقدمة


يعد اسم الله "المصور" من الأسماء الحسنى التي تظهر عظمة الخالق في تشكيل المخلوقات وإبداع صورها، فالله سبحانه وتعالى هو الذي صور كل شيء فأحسن تصويره، وجعل لكل مخلوق هيئة وشكلاً مميزاً. وهذا الاسم يدل على كمال القدرة الإلهية، والإتقان في الخلق، فكل صورة في الكون تدل على عظمة المصور سبحانه. وفي هذا المقال، سنتناول معنى هذا الاسم، وشرحه، وفضائل الدعاء به، وكيف ورد في القرآن والسنة، وأهميته في حياة المسلم.

المبحث الأول: معنى اسم الله "المصور" وشرحه


1. المعنى اللغوي


اسم "المصور" مشتق من الفعل "صَوَّرَ"، أي أعطى الشكل والهيئة، وهو من التصوير، أي إبراز الشيء في صورة معينة. فالتصوير هنا بمعنى الخلق والتشكيل، وليس مجرد الرسم، إذ إن الله هو الذي أعطى كل مخلوق صورته التي يتميز بها.

2. المعنى الاصطلاحي


"المصور" هو الذي خلق المخلوقات وشكلها بأحسن صورة، وأعطى كل كائن حي هيئته التي تناسبه، فلا تشابه بين الأجناس إلا بقدر ما أراد الله. وقد ورد هذا الاسم مقترناً باسمي "الخالق" و"البارئ" في قوله تعالى:
{هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} [الحشر: 24].

الخالق: هو الذي أوجد الأشياء من العدم.

البارئ: هو الذي برأ الخلوق وأتقن صنعه.

المصور: هو الذي أعطى كل مخلوق شكله الخاص.

فالله تعالى هو الذي صور الإنسان في أحسن تقويم، وصور الحيوانات والنباتات والجبال والبحار، كلٌّ بما يناسبه، مما يدل على حكمته البالغة.

المبحث الثاني: ورود اسم "المصور" في القرآن والسنة


1. في القرآن الكريم


ورد اسم "المصور" صريحاً مرة واحدة في القرآن في سورة الحشر:
{هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} [الحشر: 24].

كما ورد التصوير كصفة لله في آيات أخرى، مثل:

{وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ} [الأعراف: 11].

{الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ * فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ} [الانفطار: 7-8].

2. في السنة النبوية
لم يرد اسم "المصور" في الأحاديث الصحيحة صراحةً، لكن جاء ذكر التصوير الإلهي في أحاديث كثيرة، منها:

عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال: "إن الله خلق آدم على صورته" (متفق عليه).

وعنه ﷺ: "يقول الله تعالى: ومن أظلم ممن ذهب يخلق كخلقي، فليخلقوا ذرة، أو ليخلقوا حبة، أو ليخلقوا شعيرة" (متفق عليه).

وهذه الأحاديث تؤكد أن التصوير الحقيقي هو لله وحده، وأن محاولة المخلوق تقليد خلق الله دليل على العجز.

المبحث الثالث: فضل الدعاء باسم الله "المصور"


1. الدعاء به لطلب الإحسان في الخلق والتصوير


يمكن للمسلم أن يدعو بهذا الاسم طلباً للإحسان في عمله، مثل:

"يا مصور الأرواح والأجساد، حسن صورتي واخلقني في أحسن تقويم".

"اللهم كما أحسنت تصوير خلقي، أحسن أخلاقي وأعمالي".

2. الدعاء به لطلب العافية من التشوهات


يُدعى به لطلب الشفاء من الأمراض التي تؤثر في الصورة الظاهرة، مثل:

"يا مصور الأجساد، أصلح خللي واشفني من كل داء".

3. الدعاء به لطلب التجميل المعنوي


كما أن الله صور الأجسام، فهو الذي يصور الأخلاق والقلوب، فيمكن الدعاء:

"يا مصور القلوب، حسن أخلاقي وجملني بالتقوى".

المبحث الرابع: أهمية اسم "المصور" في الإسلام


1. إثبات كمال قدرة الله


كل صورة في الكون تدل على أن المصور واحد، لا شريك له في خلقه، فتعجب الإنسان من تنوع المخلوقات يدعوه إلى الإيمان بالله.

2. التفكر في خلق الله


التأمل في صور المخلوقات يدعو إلى زيادة الإيمان، كما قال تعالى:
{وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ * وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ} [الذاريات: 20-21].

3. النهي عن التصوير المذموم


نهى الإسلام عن تصوير ذوات الأرواح (كالإنسان والحيوان) إذا كان لغرض العبادة أو المباهاة، لأن التصوير الحقيقي هو لله وحده.

4. التواضع أمام عظمة الخالق


كل إنسان، مهما بلغ من الجمال أو القوة، فهو مخلوق لله، فلا يتكبر على الآخرين، بل يشكر الله على نعمة الخلق.

الخاتمة


اسم الله "المصور" من أعظم الأسماء الدالة على كمال الخلق والإبداع الإلهي، فالله هو الذي أعطى كل شيء صورته، وجعل في خلقه آياتٍ للعالمين. ومن عرف هذا الاسم، تفكر في خلق الله، وشكر النعمة، واجتنب الكبر، وعلم أن التصوير الحقيقي هو لله وحده. فسبحان من أحسن كل شيء خلقه!

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

مقالات متشابهة

اسم الله الشكور
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. إن أسماء الله الحسنى من أعظم ما يتقرب به العبد إلى ربه
اسم الله الملك
إن لله تعالى أسماءً حسنى تدل على عظمته وكماله، ومن أعظم هذه الأسماء اسم "المَلِك"، الذي يُظهر سُلطانه المطلق وملكوته الشامل لكل المخلوقات.
اسم الله الخالق
إن أسماء الله الحسنى تمثل أعظم المعاني التي يتعرف بها العبد على ربه، ومن أعظم هذه الأسماء اسم "الخالق"
اسم الله العليم
يعد اسم الله "العليم" من الأسماء الحسنى التي تظهر سعة علم الله تعالى وإحاطته بكل شيء، فهو العالم بكل ما كان وما سيكون وما لا يكون لو كان كيف يكون.
اسم الله المؤخر
يُعد اسم الله تعالى "المؤخر" من الأسماء الحسنى التي تُظهر سعة قدرته وحكمته في تدبير خلقه، فهو الذي يؤخر الأشياء عن وقتها لحكمة يعلمها
اسم الله المقدم
إن أسماء الله الحسنى من أعظم ما يتقرب به العبد إلى ربه، فمن عرفها وتدبر معانيها، أدرك عظمة الخالق وقدرته وحكمته. ومن هذه الأسماء العظيمة اسم "المُقَدِّم"