اسم الله العليم
اسم الله العليم
اسم الله العليم: معناه، شرحه، وروده في القرآن والسنة، وفضله في الإسلام
المقدمة
يعد اسم الله "العليم" من الأسماء الحسنى التي تظهر سعة علم الله تعالى وإحاطته بكل شيء، فهو العالم بكل ما كان وما سيكون وما لا يكون لو كان كيف يكون. وهذا الاسم يبعث في قلب المؤمن الطمأنينة، إذ يعلم أن الله مُطَّلع على أحواله، عالم بظواهر وبواطنه، فلا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء. وفي هذا المقال، سنتناول معنى اسم "العليم"، وشرحه، وكيف ورد في القرآن الكريم والسنة النبوية، وفضل الدعاء به، وأهميته في حياة المسلم.
المبحث الأول: معنى اسم الله العليم وشرحه
1. المعنى اللغوي والاصطلاحي
العلم في اللغة: هو إدراك الشيء على حقيقته.
العليم اسم فاعل من "علم"، ويُطلق على من обладает العلم الكامل الشامل.
في الاصطلاح الشرعي: العليم هو الذي يعلم كل شيء ظاهرًا وباطنًا، دقيقًا وجليلًا، حاضرًا وغائبًا، ولا يخفى عليه شيء في السماوات ولا في الأرض.
2. صفة العلم لله تعالى
علم الله قديم (لم يسبقه جهل)، أزلي (لا بداية له)، أبدي (لا نهاية له).
علمه محيط بكل شيء: ﴿وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾ (البقرة: 282).
علمه دقيق لا يعزب عنه مثقال ذرة: ﴿وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ﴾ (الأنعام: 59).
3. الفرق بين "العليم" و"الخبير" و"العالم"
العليم: يشمل العلم الشامل المطلق.
الخبير: يدل على العلم بالخفايا والبواطن.
العالم: قد يُطلق على الله لكنه أقل ورودًا في القرآن مقارنة بـ"العليم".
المبحث الثاني: ورود اسم الله العليم في القرآن والسنة
1. في القرآن الكريم
ورد اسم "العليم" في القرآن أكثر من 150 مرة، ومن الآيات التي ذكر فيها:
﴿إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ﴾ (لقمان: 23).
﴿وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ﴾ (النساء: 12).
﴿عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ﴾ (الرعد: 9).
2. في السنة النبوية
في دعاء الاستخارة: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَخِيرُكَ بِعِلْمِكَ، وَأَسْتَقْدِرُكَ بِقُدْرَتِكَ» (صحيح البخاري).
في حديث: «يَحْطِفُ اللهُ الْخَلْقَ حَتَّى لا يَبْقَى إِلا مَنْ قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، فَيُخْلِقُونَ مِنْهُمْ خَلْقًا جَدِيدًا، وَيُعَذِّبُ مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ، وَيَقُولُ اللَّهُ: أَنَا الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ» (مسند أحمد).
المبحث الثالث: فضل الدعاء باسم الله العليم
1. تأثير الاسم في الدعاء
الدعاء بـ"يا عليم" يفتح أبواب الرجاء، لأن العبد يعلم أن الله يعلم حاجته حتى قبل أن يسأل.
يُستحب الدعاء به في طلب العلم والفهم: «اللَّهُمَّ عَلِّمْنِي مَا يَنْفَعُنِي، وَانْفَعْنِي بِمَا عَلَّمْتَنِي» (سنن الترمذي).
2. أدعية مأثورة باسم العليم
«اللَّهُمَّ بِعِلْمِكَ الْغَيْبَ وَقُدْرَتِكَ عَلَى الْخَلْقِ، أَحْيِنِي مَا عَلِمْتَ الْحَيَاةَ خَيْرًا لِي» (صحيح الجامع).
«سُبْحَانَكَ لا عِلْمَ لَنَا إِلا مَا عَلَّمْتَنَا، إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ» (البقرة: 32).
المبحث الرابع: أهمية اسم الله العليم في حياة المسلم
1. تعظيم الله والخوف من علمه
إذا تذكر العبد أن الله يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور (غافر: 19)، فإنه يستحي أن يعصيه.
2. الطمأنينة والرضا بالقدر
علم الله شامل، فلا يقع شيء إلا بعلمه، مما يبعث الرضا في قلب المؤمن: ﴿وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ﴾ (الأنعام: 59).
3. التحلي بالعلم النافع
الله هو العليم، فيجب على المسلم طلب العلم النافع، قال تعالى: ﴿وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا﴾ (طه: 114).
الخاتمة
اسم الله "العليم" من أعظم الأسماء التي تُذكِّر المؤمن بعظمة الله وإحاطته بكل شيء، مما يدفعه إلى مراقبة الله في السر والعلن، وطلب العلم النافع، واليقين بأن الله يعلم ما يصلحه فيدعوه بحكمة وثقة. فالتعبد بهذا الاسم يجعل العبد يتوكل على الله حق توكله، ويسعى في حياته بعلم ويقين.
"فاعلم أنه لا إله إلا الله" (محمد: 19).