الايمان بالله

الايمان بالله
الإيمان في الإسلام: تعريفه، أركانه، أهميته، وروده في القرآن والسنة، وفضل العمل به

مقدمة

يُعدّ الإيمان حجر الأساس في العقيدة الإسلامية، فهو اللبنة الأولى التي ينبني عليها الدين، والركيزة التي تميّز المسلم عن غيره. وهو ليس مجرد اعتقاد نظري، بل حياة يعيشها المؤمن قلبًا وقالبًا، فالإيمان في الإسلام يشمل التصديق الجازم، والعمل المترجم لهذا التصديق، واليقين الذي لا يتزعزع في الله تعالى ورسله وكتبه واليوم الآخر وسائر الغيبيات التي أخبرنا بها الله ورسوله ﷺ.

تعريف الإيمان

الإيمان في اللغة مشتق من الفعل "آمن"، ويعني التصديق والاطمئنان. أما في الاصطلاح الشرعي، فقد عرّفه أهل السنة والجماعة بأنه "اعتقادٌ بالقلب، وقولٌ باللسان، وعملٌ بالجوارح، يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية". أي أن الإيمان ليس مجرد اعتقاد داخلي، بل يشمل العمل أيضًا، فهو عقيدة وقول وعمل، ومن هنا كان تمايز الإيمان عن المفهوم المجرد للتصديق.

وقد بيّن النبي ﷺ في حديث جبريل المشهور، عندما سأله عن الإيمان، فقال:
"أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، وتؤمن بالقدر خيره وشره" (رواه مسلم).

أركان الإيمان

للإيمان ستة أركان أساسية، لا يكتمل إلا بها، وهي:

1. الإيمان بالله

الإيمان بوجود الله، ووحدانيته، وأسمائه وصفاته، وأنه الخالق المدبّر، لا شريك له.

يتضمن الإيمان بألوهيته (أي استحقاقه للعبادة وحده)، وربوبيته (أنه المتصرف في الكون)، وأسمائه وصفاته كما وردت في الكتاب والسنة.

 

2. الإيمان بالملائكة

الإيمان بأنهم مخلوقات نورانية، مكرمون، لا يعصون الله ما أمرهم.

الإيمان بأسمائهم (مثل جبريل، ميكائيل، إسرافيل) ووظائفهم كما وردت في الشرع.

 

3. الإيمان بالكتب السماوية

الإيمان بأن الله أنزل كتبًا على رسله، لهداية الناس.

التصديق بالكتب المذكورة في القرآن: التوراة، الزبور، الإنجيل، وصحف إبراهيم وموسى، مع الإيمان بأن القرآن ناسخٌ لما سبق.

 

4. الإيمان بالرسل

التصديق بأن الله أرسل أنبياءً ورسلاً لهداية البشر، من آدم إلى محمد ﷺ.

الاعتقاد بأنهم بشر مصطفون، لا يُعبدون، وأن خاتمهم وأعظمهم محمد ﷺ.

 

5. الإيمان باليوم الآخر

الاعتقاد بالبعث، والحساب، والجنة والنار، وأهوال القيامة.

الإيمان بكل ما ورد عن يوم القيامة من تفاصيل مثل الميزان، الصراط، الحوض، الشفاعة.

 

6. الإيمان بالقدر خيره وشره

الإيمان بأن كل ما يحدث بقدر الله، وأنه لا يقع شيء في الكون إلا بعلمه ومشيئته.

يشمل الإيمان بعلم الله السابق، وكتابته لكل شيء في اللوح المحفوظ، ومشيئته النافذة، وخلقه لكل شيء.

 


أهمية الإيمان في الإسلام

الإيمان هو أساس قبول الأعمال، فلا تُقبل العبادات ولا الأعمال الصالحة إلا بالإيمان الصحيح. وقد جعله الله شرطًا لدخول الجنة، فقال تعالى:
{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الفِرْدَوْسِ نُزُلًا} (الكهف: 107).

كما أن الإيمان يمنح المسلم الطمأنينة والسعادة الحقيقية، ويجعله متوكلًا على الله، صابرًا عند الشدائد، شاكرًا عند النعم، ثابتًا أمام الفتن.

ورود الإيمان في القرآن والسنة

الإيمان من أكثر الكلمات ورودًا في القرآن الكريم، حيث جاء بصيغ مختلفة تتجاوز 800 مرة، ومنها:

1. الإيمان كشرط للنجاة:

قال تعالى: {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} (العصر: 3)، حيث بيّن أن النجاة في الإيمان والعمل الصالح.

وقال تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُو۟لَـٰٓئِكَ أَصْحَـٰبُ ٱلْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَـٰلِدُونَ} (البقرة: 82).

 

2. الإيمان كمصدر للقوة والاطمئنان:

قال تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} (الرعد: 28).

 


أما في السنة النبوية، فقد وردت أحاديث كثيرة عن الإيمان، ومنها:

حديث جبريل الذي ذكر فيه النبي ﷺ أركان الإيمان (رواه مسلم).

حديث النبي ﷺ: "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه" (متفق عليه).

حديث: "الإيمان بضع وسبعون شعبة، أعلاها قول لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان" (متفق عليه).


فضل العمل بالإيمان

1. دخول الجنة: قال النبي ﷺ: "من قال لا إله إلا الله مخلصًا دخل الجنة" (رواه أحمد).


2. النجاة من النار: قال تعالى: {فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ} (آل عمران: 185).


3. نيل محبة الله ورضاه: قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ} (الصف: 4).


4. طمأنينة القلب: كما ورد في قوله تعالى: {وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ} (البقرة: 223).


5. التوفيق والسداد في الدنيا: قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا} (الحج: 38).

 

خاتمة


الإيمان هو الأساس الذي يُبنى عليه الإسلام، وهو ليس مجرد كلمات تُقال، بل يقينٌ في القلب، وتصديق باللسان، وعمل بالأركان. لا يقتصر الإيمان على الاعتقاد النظري، بل يجب أن يُترجم إلى أفعال وسلوكيات تعكس حقيقة الانتماء لهذا الدين العظيم. ومن ثمرات الإيمان سعادة الدنيا والآخرة، فهو مفتاح الطمأنينة، وسبب النجاة، وطريق الفوز برضوان الله وجناته.

مقالات متشابهة

ماهما العينان اللتان لا تمسهما النار ؟
عين بكت من خشية الله عين سهرت في سبيل الله
ماهي السورة التي تعدل ثلث القرآن
سورة الإخلاص من السور القصيرة في القرآن الكريم، ولكنها عظيمة المعنى جليلة المقام، حتى قال عنها النبي صلى الله عليه وسلم إنها تعدل ثلث القرآن.
ماهي السورة التي تعادل ربع القرآن
القرآن الكريم كتاب الله المعجز، أنزله على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم ليكون هدى ونورًا ورحمة للعالمين. وكل سورة فيه تحمل دلالات ومعاني عظيمة
ماهي السورة التي تعدل نصف القرآن الكريم ؟
سورة الزلزلة، التي قال عنها: "من قرأ إذا زلزلت، عدلت له بنصف القرآن".
الاعتكاف في رمضان
الاعتكاف من العبادات العظيمة التي كان النبي ﷺ يحرص عليها، خاصة في العشر الأواخر من رمضان. وهو فرصة عظيمة للانقطاع عن الدنيا والتفرغ للعبادة والذكر والدعاء،
قصة اصحاب الاخدود
تُعدّ قصة أصحاب الأخدود من القصص القرآنية التي تحمل في طياتها دروسًا عظيمة عن الإيمان والثبات في وجه الطغيان