قصة سيدنا صالح عليه السلام

قصة سيدنا صالح عليه السلام

قصة سيدنا صالح عليه السلام هي واحدة من القصص البليغة في القرآن الكريم، وقد وردت في عدة سور مثل: سورة هود، سورة الأعراف، سورة الشعراء، وسورة القمر. كانت دعوته موجهة إلى قومه "ثمود"، الذين عاشوا في منطقة الحجاز (المملكة العربية السعودية الحالية) وكانوا من أكبر وأقوى الأمم في زمانهم.

نبذة عن قوم صالح

قوم صالح عليه السلام كانوا يعيشون في مدينة تُسمى مدين أو ثمود، وهم كانوا قد بلغوا من القوة في بناء المنازل والنقوش في الجبال ما يجعلهم في حالة ازدهار ورفاهية. لكن مع هذه القوة، كان قوم صالح قد ابتعدوا عن عبادة الله وتعبدوا للأصنام. كانوا عُتاة في معاصيهم، وتمسكوا بأنانيتهم وفسادهم، ورفضوا التوبة.

دعوة صالح عليه السلام

بعث الله سبحانه وتعالى سيدنا صالح إلى هؤلاء القوم ليُخرجهم من ضلالهم، ويُعلمهم أن هناك إلهاً واحداً يُعبَد وحده لا شريك له. بدأ صالح عليه السلام دعوته بالحكمة واللين، فقال لقومه:

"وإلى ثمود أخاهم صالحًا قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره قد جئتكم بآية من ربكم فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ"
(سورة الأعراف: 73)

قال لهم: أنني لست إلا رسولاً من الله، وأنه لا إله سوى الله سبحانه وتعالى. وذكّرهم بنعم الله عليهم في الماضي من قوة وبأس، وأن عليهم أن يشكروا الله وحده على ما أنعم به عليهم.


معجزة الناقة

أحد أبرز الأحداث في قصة سيدنا صالح عليه السلام هي معجزة الناقة. طلب منه قومه أن يُظهر لهم معجزة، وألا يأتيهم بآية من الله تثبت صدق دعوته. استجاب صالح عليه السلام لدعوتهم، وأمرهم الله أن يخرج لهم ناقة ذات خصائص خاصة، كانت ناقة عظيمة جدًا، بحيث كانت رمزًا لقوة الله وقدرته.

قال الله تعالى في القرآن:

"وَفَجَّرْنَا ٱلۡأَرۡضَ عُيُونًۭا فَٱلْتَقَى ٱلْمَآءُ عَلَىٰٓ أَمْرٍۢ قَدَرٍۢ"
(سورة القمر: 12)

فقد انفجرت الأرض وخرجت منها ناقة عظيمة، وظهرت هذه الناقة كمعجزة حية أمامهم، وأمرهم صالح عليه السلام أن يتركوها تشرب من الماء يومًا، بينما يشربون هم في اليوم التالي. كانت هذه الناقة معجزة عظيمة ودليلاً على صدق رسالة صالح، ولكن قومه استمروا في إنكار هذه الآية.

 

ما فعله قومه بالناقة

رغم هذه المعجزة، رفض بعض قومه التوبة وتمادوا في عنادهم. لقد أصروا على ظلمهم، وكانوا يرفضون الإيمان. وبعد فترة، دبّت الفتنة بين القوم، وقرروا قتل الناقة.

قال الله تعالى:

"فَعَقَرُوا۟هَا فَقَالَ ٱمَتِّعُوا۟ فِى دَارِكُمۡ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍۢ ۖ ذَٰلِكَ وَعِيدٌۭ غَيۡرُ مَّكۡذُوبٍۢ"
(سورة هود: 65)

بعد أن عقروا الناقة وقتلوها، أخبرهم صالح عليه السلام أن عذاب الله سيحل عليهم بعد ثلاثة أيام فقط. هذه الأيام كانت بمثابة مهلة أخيرة لهم للتوبة والرجوع إلى الله، ولكنهم استمروا في غيهم ورفضوا التوبة.


عذاب الله لقوم صالح

بعد أن مضت الأيام الثلاثة، جاء العذاب. فقام الله سبحانه وتعالى بإرسال صاعقة شديدة، ضربت قوم صالح وأهلكتهم جميعًا. وصفت الصاعقة في القرآن بأنها:

"فَأَمَّا عَادٌۭ فُهۡلِكُوا۟ بِالرِّياحِ ٱلۡعَاتِيَةِ ٱلَّتِىۤ سَحَقَتْهُۥ فَفَجَّرْنَا فِيهَا ٱلۡمَاءَ فَٱلْتَقَى ٱلْمَآءُ عَلَىٰٓ أَمْرٍۢ قَدَرٍۢ"
(سورة القمر: 13)

هذه الرياح كانت شديدة جدًا، تدمر كل شيء في طريقها، فلم ينجو منهم أحد، وأصبحوا جميعًا عبرة للأجيال القادمة.


عبرة القصة

قصة سيدنا صالح عليه السلام تذكرنا بعدة دروس هامة:

  1. التوحيد وعبادة الله وحده: دعوة الأنبياء كانت دائمًا تدعو إلى توحيد الله وترك عبادة الأصنام.
  2. الصبر والرحمة في الدعوة: رغم تكذيب قومه، ظل صالح عليه السلام يدعوهم إلى الله بصبر وحكمة.
  3. الجزاء العادل: العذاب حل على قومه بعد رفضهم للإيمان، ما يبين أن الظلم والمكابرة في الحق يؤديان إلى هلاك الأمم.
  4. التوبة والرجوع إلى الله: مهما كانت المعجزات التي يُظهرها الأنبياء، فإن القلوب التي لا تستجيب وتستمر في الكفر والظلم، ستكون نهايتها الهلاك.


مقالات متشابهة

ماهما العينان اللتان لا تمسهما النار ؟
عين بكت من خشية الله عين سهرت في سبيل الله
ماهي السورة التي تعدل ثلث القرآن
سورة الإخلاص من السور القصيرة في القرآن الكريم، ولكنها عظيمة المعنى جليلة المقام، حتى قال عنها النبي صلى الله عليه وسلم إنها تعدل ثلث القرآن.
ماهي السورة التي تعادل ربع القرآن
القرآن الكريم كتاب الله المعجز، أنزله على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم ليكون هدى ونورًا ورحمة للعالمين. وكل سورة فيه تحمل دلالات ومعاني عظيمة
ماهي السورة التي تعدل نصف القرآن الكريم ؟
سورة الزلزلة، التي قال عنها: "من قرأ إذا زلزلت، عدلت له بنصف القرآن".
الاعتكاف في رمضان
الاعتكاف من العبادات العظيمة التي كان النبي ﷺ يحرص عليها، خاصة في العشر الأواخر من رمضان. وهو فرصة عظيمة للانقطاع عن الدنيا والتفرغ للعبادة والذكر والدعاء،
قصة اصحاب الاخدود
تُعدّ قصة أصحاب الأخدود من القصص القرآنية التي تحمل في طياتها دروسًا عظيمة عن الإيمان والثبات في وجه الطغيان