اسم الله الشكور

اسم الله الشكور


اسم الله "الشكور": معناه، شرحه، وروده في القرآن والسنة، وفضل الدعاء به


مقدمة


الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. إن أسماء الله الحسنى من أعظم ما يتقرب به العبد إلى ربه، ومن بين هذه الأسماء العظيمة اسم "الشكور" الذي يحمل في طياته معاني العرفان بالجميل، والمجازاة على القليل بالكثير. في هذا المقال سنتناول بالتفصيل معنى هذا الاسم الكريم، وشواهده من القرآن والسنة، وفضائل الدعاء به، وأهميته في حياة المسلم.

المعنى اللغوي والاصطلاحي لاسم الله "الشكور"


المعنى اللغوي:
كلمة "الشكور" في اللغة العربية مشتقة من الجذر (ش ك ر) الذي يدل على الاعتراف بالنعمة وإظهارها. والشكر هو مقابل الكفر، فكما أن الكفر يعني الجحود والستر، فإن الشكر يعني الإظهار والاعتراف.

المعنى الاصطلاحي:
اسم الله "الشكور" يعني الذي يثيب على القليل من الطاعات ثواباً كثيراً، ويقبل اليسير من الأعمال ويكافئ عليه بالعطاء الجزيل. فهو سبحانه يشكر عباده على طاعاتهم القليلة بمغفرته ورضوانه وجنته.

قال الإمام ابن القيم: "الشكور هو الذي يشكر اليسير من العمل، ويغفر الكثير من الزلل، ويجزي بالحسنة عشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة".

 

ورود اسم الله "الشكور" في القرآن الكريم


ورد اسم الله "الشكور" في القرآن الكريم في عدة مواضع، منها:

{إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ} (الشورى:23)
في هذه الآية يقرن الله بين المغفرة والشكر، فكما أنه يغفر الذنوب فهو يشكر الأعمال الصالحة ويثيب عليها.

{وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ} (البقرة:158)
هنا يبين الله أنه يشكر حتى النوافل والطاعات غير الواجبة.

{لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ} (فاطر:30)
تأكيد على أن الله لا يوفي العبد أجره فقط بل يزيده من فضله.

{وَكَانَ اللَّهُ شَاكِرًا عَلِيمًا} (النساء:147)
بيان أن شكر الله مقترن بعلمه بحقيقة أعمال العباد.

ورود اسم الله "الشكور" في السنة النبوية
ورد ذكر هذا الاسم في عدة أحاديث نبوية، منها:

عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله تعالى يقول: إذا هم عبدي بسيئة فلا تكتبوها عليه، فإن عملها فاكتبوها سيئة، وإذا هم بحسنة فلم يعملها فاكتبوها حسنة، فإن عملها فاكتبوها عشراً إلى سبعمائة ضعف" (متفق عليه).
هذا الحديث يظهر معنى الشكور، حيث يضاعف الله الحسنات ويغفر السيئات.

في دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: "اللهم اجعلني لك شكاراً، لك ذكاراً، لك رهّاباً، لك مطواعاً، إليك مخبتاً، لك أواهاً منيباً" (رواه أبو داود والترمذي).
هنا يسأل النبي أن يجعله الله من الشاكرين، مما يدل على أهمية هذا الوصف.

شرح معنى اسم الله "الشكور" وتجلياته


يتجلى اسم الله "الشكور" في عدة أمور:

مغفرة الذنوب مع قلة التوبة: فكم من عبد أذنب ثم تاب توبة قصيرة فغفر الله له ذنوباً كثيرة.

مضاعفة الحسنات: حيث يكتب الله الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة.

قبول الأعمال اليسيرة: كالذكر القليل، والصدقة اليسيرة، فيجازي عليها بالعطاء الكبير.

الجزاء في الدنيا قبل الآخرة: فكم من عبد عمل عملاً صالحاً فوفقه الله في الدنيا قبل الآخرة.

قال الإمام الغزالي: "الشكور هو الذي يثيب على القليل من الطاعة بإضعاف كثيرة من الثواب، ويغفر الكثير من المعصية مع التوبة اليسيرة".

فضائل الدعاء باسم الله "الشكور"


استشعار عطاء الله: عندما يدعو العبد ربه بهذا الاسم، فإنه يستحضر سعة عطاء الله وجوده.

الاستجابة السريعة: من أدب الدعاء أن يذكر العبد أسماء الله المناسبة لطلبه، فإذا سأل الله المزيد من النعم فليذكر اسم "الشكور".

الاعتراف بنعم الله: الدعاء بهذا الاسم يعلم العبد الاعتراف بفضل الله وشكره.

الاقتداء بالأنبياء: فقد دعا سيدنا سليمان عليه السلام: {رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ} (النمل:19).

أهمية اسم الله "الشكور" في حياة المسلم


تحفيز على العمل الصالح: عندما يعلم العبد أن الله يشكر اليسير من العمل، يدفعه ذلك لبذل المزيد.

الأمل في المغفرة: فكما أن الله يشكر الحسنات، فهو يغفر السيئات لمن تاب.

تربية على الشكر: فكما أن الله شكور، يحب أن يكون عباده شاكرين.

التوازن بين الخوف والرجاء: هذا الاسم يجمع بين الرجاء في ثواب الله والخوف من تقصير الشكر.

العلاج للاكتئاب والقنوط: فالتفكر في هذا الاسم يبعث الأمل والتفاؤل.

آثار الإيمان باسم الله "الشكور"


الشكر الدائم: العبد الذي يؤمن بهذا الاسم يكثر من قول "الحمد لله" على كل حال.

بذل المعروف: لأنه يعلم أن الله يشكر المحسنين.

الرضا بالقليل: لأنه يعلم أن الله يجزيه عليه الكثير.

التواضع: لأنه يعترف بأن كل نعمة من الله.

حسن الظن بالله: فهو يعلم أن الله لا يضيع أجر من أحسن عملاً.


خاتمة


إن اسم الله "الشكور" من الأسماء التي تبعث في النفس الطمأنينة والرجاء، وتذكر العبد بأن الله لا يضيع أجر من أحسن عملاً، وأنه سبحانه يقبل اليسير ويعطي الكثير. فجدير بالمسلم أن يتعرف على هذا الاسم الكريم، ويستحضره في دعائه وحياته، ويجتهد في أن يكون من الشاكرين لينال رضا الشكور سبحانه وتعالى.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

مقالات متشابهة

اسم الله الملك
إن لله تعالى أسماءً حسنى تدل على عظمته وكماله، ومن أعظم هذه الأسماء اسم "المَلِك"، الذي يُظهر سُلطانه المطلق وملكوته الشامل لكل المخلوقات.
اسم الله المصور
يعد اسم الله "المصور" من الأسماء الحسنى التي تظهر عظمة الخالق في تشكيل المخلوقات وإبداع صورها، فالله سبحانه وتعالى هو الذي صور كل شيء فأحسن تصويره
اسم الله الخالق
إن أسماء الله الحسنى تمثل أعظم المعاني التي يتعرف بها العبد على ربه، ومن أعظم هذه الأسماء اسم "الخالق"
اسم الله العليم
يعد اسم الله "العليم" من الأسماء الحسنى التي تظهر سعة علم الله تعالى وإحاطته بكل شيء، فهو العالم بكل ما كان وما سيكون وما لا يكون لو كان كيف يكون.
اسم الله المؤخر
يُعد اسم الله تعالى "المؤخر" من الأسماء الحسنى التي تُظهر سعة قدرته وحكمته في تدبير خلقه، فهو الذي يؤخر الأشياء عن وقتها لحكمة يعلمها
اسم الله المقدم
إن أسماء الله الحسنى من أعظم ما يتقرب به العبد إلى ربه، فمن عرفها وتدبر معانيها، أدرك عظمة الخالق وقدرته وحكمته. ومن هذه الأسماء العظيمة اسم "المُقَدِّم"