اسم الله المقدم

اسم الله المقدم

اسم الله "المُقَدِّم": معناه، شرحه، وروده في القرآن والسنة، وفضل الدعاء به


المقدمة


إن أسماء الله الحسنى من أعظم ما يتقرب به العبد إلى ربه، فمن عرفها وتدبر معانيها، أدرك عظمة الخالق وقدرته وحكمته. ومن هذه الأسماء العظيمة اسم "المُقَدِّم"، الذي يدل على أن الله سبحانه هو الذي يقدم ما يشاء من خلقه بحكمته ورحمته. في هذا المقال، سنتناول معنى هذا الاسم، شرحه، وروده في القرآن والسنة، فضل الدعاء به، وأهميته في حياة المسلم.

المبحث الأول: معنى اسم الله "المُقَدِّم" وشرحه


1. المعنى اللغوي
اسم "المُقَدِّم" مشتق من الفعل "قَدَّمَ"، الذي يعني جعل الشيء في المقدمة أو الأولوية. والتقديم هو عكس التأخير، فالله سبحانه هو الذي يُقدِّم من يشاء من عباده في الخير والفضل، ويؤخر من يشاء بحكمته.

2. المعنى الشرعي
المُقَدِّم هو الذي يقدم من يشاء من خلقه في الدنيا والآخرة، فيقدم أهل الطاعة على أهل المعصية، ويقدم الشهداء والصالحين في الدرجات، ويؤخر الكافرين والظالمين. وهو سبحانه يقدم ما يشاء من الأسباب والنتائج بحسب حكمته البالغة.

قال ابن القيم رحمه الله:
"الله هو المُقَدِّم والمُؤَخِّر، فما قدَّمه العبدُ من طاعةٍ قدَّمه الله له في الدرجات، وما أخَّره من معصية أخَّره الله عليه من العقوبات."

 

المبحث الثاني: ورود اسم "المُقَدِّم" في القرآن والسنة


1. في القرآن الكريم
لم يرد اسم "المُقَدِّم" صراحةً في القرآن، ولكن ورد معناه في آيات كثيرة تدل على أن الله يقدم من يشاء ويؤخر من يشاء، مثل:

قوله تعالى:
{يُقَدِّمُ مَنْ يَشَاءُ وَيُؤَخِّرُ ۚ مَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ} (فاطر: 29).
أي أن الله هو الذي يقدم من يشاء بالنبوة والولاية والعلم، ويؤخر من يشاء.

وقوله تعالى:
{وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ} (القصص: 68).
فالله يختار من يشاء لتقديمه في الخير والفضل.

2. في السنة النبوية
ورد ذكر التقديم والتأخير في أحاديث كثيرة، منها:

حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه:
أن النبي ﷺ قال: "إن الله ليُقَدِّمُ العبدَ في الدنيا لِيُؤخِّرَه يوم القيامة، ويُؤخِّرُ العبدَ في الدنيا لِيُقَدِّمَه يوم القيامة." (أخرجه البخاري في الأدب المفرد).

وفي حديث آخر:
"إن الله يقبض يوم القيامة الأرض، ويطوي السماوات بيمينه، ثم يقول: أنا الملك، أين ملوك الأرض؟ أين الجبارون؟ أين المتكبرون؟ ثم يقدم أولياءه في الكرامة." (متفق عليه).

فهذه النصوص تدل على أن الله هو المُقَدِّم بحكمته، يقدم من يشاء في الدنيا والآخرة.

 

المبحث الثالث: فضل الدعاء باسم الله "المُقَدِّم" وأهميته في الإسلام


1. فضل الدعاء به


الدعاء بأسماء الله الحسنى من أعظم أسباب إجابة الدعاء، فمن دعا الله باسمه "المُقَدِّم" سائلاً منه التقديم في الخير، فإن الله يجيب دعوته بحسب حكمته.

مثال للدعاء:
"اللهم يا مُقَدِّمَ مَن تشاء بالخير والفضل، قدِّمني في طاعتك، وارزقني التقدم في كل خير، واجعلني من المقربين إليك."

2. أهمية هذا الاسم في حياة المسلم


التوكل على الله في التقديم والتأخير:
فالمسلم يعلم أن التقديم في الدنيا ليس دليلًا على القرب من الله، فقد يُقدِّم الله عبدًا في الدنيا ليمتحنه، ويؤخره ليرفع درجته.

الحرص على الأعمال الصالحة:
فالله يقدم عباده بحسب أعمالهم، فمن أراد أن يُقَدَّم يوم القيامة، فعليه بالإكثار من الطاعات.

الصبر على تأخير الدنيا:
فبعض الصالحين يُؤخَّرون في الدنيا، ولكنهم مُقَدَّمون في الآخرة، كما قال النبي ﷺ: "إن من ضعفاء المهاجرين من يسبق الأكثرين يوم القيامة دخولًا الجنة." (رواه مسلم).

 

الخاتمة


اسم الله "المُقَدِّم" من الأسماء العظيمة التي تدل على حكمة الله وقدرته، فهو الذي يقدم من يشاء في الدنيا والآخرة بحسب علمه وحكمته. وعلى المسلم أن يعمل بما يرضي الله، ويدعوه بهذا الاسم ليرزقه التقدم في الخير، ويصبر على تأخير الدنيا لعلمه أن الآخرة خير وأبقى.

اللهم يا مُقَدِّمَ الصالحين، قدِّمنا في كل خير، واجعلنا من عبادك المقربين.

كلمة أخيرة: إن تدبر أسماء الله الحسنى يزيد الإيمان، ويربط القلب بالخالق، فاحرص على تعلمها والعمل بها، لتكون من الفائزين برضوان الله

مقالات متشابهة

اسم الله الشكور
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. إن أسماء الله الحسنى من أعظم ما يتقرب به العبد إلى ربه
اسم الله الملك
إن لله تعالى أسماءً حسنى تدل على عظمته وكماله، ومن أعظم هذه الأسماء اسم "المَلِك"، الذي يُظهر سُلطانه المطلق وملكوته الشامل لكل المخلوقات.
اسم الله المصور
يعد اسم الله "المصور" من الأسماء الحسنى التي تظهر عظمة الخالق في تشكيل المخلوقات وإبداع صورها، فالله سبحانه وتعالى هو الذي صور كل شيء فأحسن تصويره
اسم الله الخالق
إن أسماء الله الحسنى تمثل أعظم المعاني التي يتعرف بها العبد على ربه، ومن أعظم هذه الأسماء اسم "الخالق"
اسم الله العليم
يعد اسم الله "العليم" من الأسماء الحسنى التي تظهر سعة علم الله تعالى وإحاطته بكل شيء، فهو العالم بكل ما كان وما سيكون وما لا يكون لو كان كيف يكون.
اسم الله المؤخر
يُعد اسم الله تعالى "المؤخر" من الأسماء الحسنى التي تُظهر سعة قدرته وحكمته في تدبير خلقه، فهو الذي يؤخر الأشياء عن وقتها لحكمة يعلمها