اسم الله السلام

اسم الله السلام

 


---

اسم الله "السلام": معناه، أهميته، وفضله في الإسلام

مقدمة

من أسماء الله الحسنى التي تفيض بالعظمة والجلال والطمأنينة: "السلام". فهو اسمٌ كريم من أسماء الله تعالى التي وردت في القرآن الكريم، ويحمل بين حروفه معاني السكينة، والأمان، والبراءة من كل نقص وعيب. ليس مجرد اسم، بل هو صفة ثابتة لله سبحانه، تنعكس في أفعاله، وأقواله، وتعاملاته مع عباده. في هذا المقال، سنغوص في معنى اسم الله "السلام"، وأهميته في العقيدة الإسلامية، ومكانته في القرآن، وكيف نستشعر أثره في حياتنا، وفضل الدعاء به.


---

أولًا: معنى اسم الله "السلام"

من حيث اللغة:

اسم "السلام" مشتق من الجذر الثلاثي (س-ل-م) الذي يدل على السلامة والأمان والنجاة من العيوب والآفات. يقال "سَلِم الشيء" إذا بَرِئَ من النقص، و"سَلِم الإنسان" أي نجا من الشر والأذى.

من حيث الاصطلاح الشرعي:

"السلام" هو الذي سلم من كل نقص، وعَيب، وظلم، وسوء، وشر. وهو الذي تسلم ذاته من كل آفة، وأسماؤه من كل نقص، وأفعاله من كل شر، وأحكامه من كل جور. فالله سبحانه هو الكامل المطلق في ذاته، وصفاته، وأفعاله، وعدله، وقدرته.

قال الإمام القرطبي:

> "السلام هو الذي سلم من كل عيب، وبرئ من كل آفة، كما تقول: فلان سليم من الآفات".

 

وقال ابن كثير في تفسيره:

> "أي السالم من النقائص؛ لأنه الكامل في ذاته، وصفاته، وأفعاله".

 


---

ثانيًا: ورود اسم الله "السلام" في القرآن الكريم

اسم الله "السلام" ورد مرة واحدة صريحة في القرآن الكريم، في ختام آية عظيمة من سورة الحشر:

> "هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ..."
(سورة الحشر: 23)

 

في هذه الآية، يُعدّ اسم "السلام" من بين سلسلة أسماء جليلة لله تعالى، ويأتي في سياق بيان عظمة الله وألوهيته. ذكره في هذا المقام يؤكد معناه: أن الله هو السلام في ذاته، وصفاته، وأفعاله، وأنه منه يُستمد السلام الحقيقي، وهو المصدر لكل أمنٍ وسكينة في الوجود.


---

ثالثًا: السلام من الله في السنة النبوية

اسم "السلام" له حضور قوي في أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم، ومنها:

ما رواه مسلم عن ثوبان أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا انصرف من صلاته استغفر ثلاثًا وقال:

> "اللهم أنت السلام ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام".

 


هذا الدعاء يدل على أن السلام صفة من صفات الله، وهو مصدر كل سلام. ومعنى "أنت السلام": أي يا من تسلم ذاتك من النقص، ومنك يُنال الأمن، والطمأنينة.


---

رابعًا: أهمية اسم الله "السلام" في العقيدة الإسلامية

1. توحيد الله وتنزيهه:

معرفة أن الله هو "السلام" يدعو المؤمن إلى تنزيهه عن كل ما لا يليق به، سواء من صفات النقص، أو أفعال الظلم، أو الأقوال الباطلة. فالله لا يظلم أحدًا، ولا يعتريه نقص، ولا يجوز أن يُنسب إليه شر أو سوء.

2. اليقين بعدل الله:

حين تؤمن أن الله هو "السلام"، تطمئن إلى أن كل ما يقدره الله عليك فيه خير وسلامة، حتى لو بدا في ظاهره خلاف ذلك. فعدله مطلق، وأمره كله خير.

3. السكينة النفسية:

الإيمان بأن الله هو "السلام" يمنح القلب طمأنينة عظيمة، خاصة في لحظات الخوف، والتقلبات، والابتلاءات. فالمؤمن يعلم أن السلام الحقيقي لا يأتي إلا من الله، وليس من المال، أو المنصب، أو الناس.


---

خامسًا: آثار الإيمان باسم الله "السلام" في حياة المسلم

1. البحث عن السلام الداخلي:

حين تؤمن بأن السلام من الله، تسعى للاتصال به عبر الدعاء، والذكر، والطاعة، لأنك تدرك أن الراحة القلبية لا تأتي من الدنيا، بل من القرب من السلام ذاته.

2. نشر السلام بين الناس:

من آمن بأن الله هو "السلام"، سيسعى لنشر هذا السلام في حياته، ومع أسرته، وفي مجتمعه. فالمسلم الحقيقي لا يكون مصدر خوف أو أذى، بل مصدر طمأنينة وسلام.

قال النبي صلى الله عليه وسلم:

> "أفشوا السلام بينكم" (رواه مسلم).

 

3. التحرر من الخوف:

عندما يترسخ في قلبك أن الله هو "السلام"، فإنك تعيش مطمئنًا، لأنك تعلم أن السلام بيده، وأنه قادر على أن ينزل السكينة على قلبك في أحلك الظروف.


---

سادسًا: فضل الدعاء باسم الله "السلام"

1. الدعاء باسم الله "السلام" مستجاب:

قال تعالى:

> "ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها" (سورة الأعراف: 180)

 

فالدعاء بـ"يا سلام" هو امتثال لهذا الأمر الرباني، ويُرجى به الإجابة، خاصة في طلب السلامة من الشرور، والأمراض، والآفات.

مثال:

> "يا سلام، سلّمني من كل سوء، يا سلام، اجعل لي من كل ضيق مخرجًا، ومن كل هم فرجًا".

 

2. دعاء فيه تمجيد وتنزيه لله:

حين تدعو باسم "السلام"، فأنت تعظّم الله وتنزّهه عن النقص، وتُقرّ بكماله، مما يجعلك أقرب إلى القبول.


---


سابعًا: كيف ندعو الله باسمه "السلام"؟

هناك طرق متعددة للدعاء بهذا الاسم، ومنها:

طلب السلامة:

> "يا سلام، سلّمني من كل شر في الدنيا والآخرة".

 

طلب الطمأنينة:

> "يا سلام، أنزل سكينتك على قلبي، واملأ حياتي بالطمأنينة".

 

الدعاء لغيرك:

> "اللهم أنت السلام، سلّم أهلي وأحبتي من كل سوء".

 

في ختام الصلاة:

> "اللهم أنت السلام، ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام".

 

 

---

ثامنًا: السلام في الجنة… من الله السلام

الجنة هي دار السلام، والله سمّاها كذلك:

> "لَهُمْ دَارُ السَّلَامِ عِندَ رَبِّهِمْ ۖ وَهُوَ وَلِيُّهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ"
(سورة الأنعام: 127)

 

وفي الجنة، يُحيّي الله عباده بالسلام:

> "سَلَامٌ قَوْلًا مِّن رَّبٍّ رَّحِيمٍ"
(سورة يس: 58)

 

ما أروع أن يكون السلام تحية أهل الجنة، من رب الجنة!


---

تاسعًا: اسم الله "السلام" في علاقة العبد مع الناس

من أدرك أن الله هو "السلام"، أصبح سلوكه يميل إلى:

التخلّي عن الأذى.

نصرة المظلوم.

الإصلاح بين المتخاصمين.

نشر الأمن في بيئته.

التحلي بالهدوء والسكينة.


كما أن تحية الإسلام هي: "السلام عليكم"، وهذا يعكس مركزية مفهوم السلام في الدين.


---

خاتمة

اسم الله "السلام" ليس مجرد لفظ نردده، بل هو مفتاح لفهم عميق لطبيعة الله سبحانه، وصفاته، وعدله، ورحمته. هو اسمٌ إذا تمعّنا فيه، أعاد ترتيب أولوياتنا، وجعلنا نرجع إليه في كل لحظة ضعف، وخوف، وقلق. فالله هو السلام، ومنه السلام، وإليه يعود السلام.

فلنجعل هذا الاسم الكريم رفيق دعائنا، ومصدر إيماننا، ودافعًا لنشر السكينة في حياتنا، ومعاملاتنا، وقلوب من حولنا.


---

 

مقالات متشابهة

اسم الله الشكور
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. إن أسماء الله الحسنى من أعظم ما يتقرب به العبد إلى ربه
اسم الله الملك
إن لله تعالى أسماءً حسنى تدل على عظمته وكماله، ومن أعظم هذه الأسماء اسم "المَلِك"، الذي يُظهر سُلطانه المطلق وملكوته الشامل لكل المخلوقات.
اسم الله المصور
يعد اسم الله "المصور" من الأسماء الحسنى التي تظهر عظمة الخالق في تشكيل المخلوقات وإبداع صورها، فالله سبحانه وتعالى هو الذي صور كل شيء فأحسن تصويره
اسم الله الخالق
إن أسماء الله الحسنى تمثل أعظم المعاني التي يتعرف بها العبد على ربه، ومن أعظم هذه الأسماء اسم "الخالق"
اسم الله العليم
يعد اسم الله "العليم" من الأسماء الحسنى التي تظهر سعة علم الله تعالى وإحاطته بكل شيء، فهو العالم بكل ما كان وما سيكون وما لا يكون لو كان كيف يكون.
اسم الله المؤخر
يُعد اسم الله تعالى "المؤخر" من الأسماء الحسنى التي تُظهر سعة قدرته وحكمته في تدبير خلقه، فهو الذي يؤخر الأشياء عن وقتها لحكمة يعلمها